Advertisement

منتهي الصلاحية
تقارير وتغطيات
Typography
  • Smaller Small Medium Big Bigger
  • Default Helvetica Segoe Georgia Times

 يشهد العالم تحولات غير مسبوقة، مدفوعةً بالتفاعل بين الابتكار التكنولوجي والتحولات بين الأجيال والتوقعات الجديدة للعمال. تُظهر الأبحاث الحديثة أن أكثر من 70% من الشركات تتبنى نماذج عمل هجينة، بينما من المتوقع أن تُحدث الأتمتة والذكاء الاصطناعي ثورة في 25% من المهام التقليدية بحلول عام 2030. على ضوء هذه الاتجاهات، يبقى فهم النماذج الجديدة أمراً ضرورياً للحفاظ على القدرة التنافسية وجذب أفضل المهارات.

ماذا سيحلّ بالوظائف التقليدية وكيف ستتعامل الشركات مع سوق العمل الجديد؟ تساؤلات تُطرح مع توقع تغيّر المهارات المطلوبة لتكون أكثرها تكنولوجية. استناداً إلى الدراسات الأخيرة، سيرتفع الطلب على المهارات الرقمية: الذكاء الاصطناعي، البرمجيات، الأمن السيبراني، إنترنت الأشياء والطاقة المتجددة. ومن المتوقع أيضاً أن تكون القطاعات بحاجة إلى هذه المهارات أكثر في الوقت الحالي مع دعم الوظائف التكنولوجية المتخصصة. في الوقت نفسه، يعزز الاقتصاد الأخضر الطلب على المتخصصين في مجال الاستدامة والمهندسين الكهربائيين، وهو أمر بالغ الأهمية لتطوير الطاقة المتجددة والتخفيف من آثار تغير المناخ. ستزداد الفرص أيضاً لمحللي البيانات والعلماء ومهندسي الروبوتات ومشغلي الآلات الزراعية. كما يُعد متخصصو التحول الرقمي ضروريين لمساعدة الشركات على الحفاظ على قدرتها التنافسية في عصر التكنولوجيا. تتطلب هذه الأدوار، التي غالباً ما ترتبط برواتب تنافسية، تحديثاً مستمراً للمهارات، ما يعكس تطور سوق العمل الديناميكي والمستقبلي.

 

 يعزز الاقتصاد الأخضر الطلب على المتخصصين في مجال الاستدامة والمهندسين الكهربائيين.

 

سوق العمل الحديث والاستعداد له

تخلق التكنولوجيا فرصاً غير مسبوقة حيث تستثمر الشركات من جهة والحكومات من جهة أخرى بالمهارات الرقمية ودعم اليد العاملة. تعتبر الفجوة الرقمية أهم عائق أمام تحول الأعمال  حيث من المتوقع أن تتغيّر حوالى 40% من المهارات الوظيفية مع السنوات المقبلة. تُحوّل التقنيات الحديثة نماذج الأعمال ما يُحفّز على مبادرات جديدة لتحسين قدرات الموظفين في ما يتعلّق بكيفية التعامل مع الأجهزة الذكية والبرمجيات.

أطلقت شركات التكنولوجيا أكثر من دورة تدريبية ومشروعاً موجهاً للموظفين في سوق العمل لضرورة الاستجابة إلى وجود الذكاء الاصطناعي واعتماده المتزايد. يتطلب التعامل مع التحولات الرقمية أكثر من مجرّد جهد فردي. تعمل الشركات والحكومات والمؤسسات معاً لتحديد القاعدة الأساسية التي تحتاج إليها اليد العاملة لاعداد المهارات الجديدة والناشئة. وتلتزم شركات التكنولوجيا بتحويل التهديدات المتمثّلة في هذا المجال إلى فرص لتحقيق النمو الشامل.

مع هذه الوتيرة، يشير تقرير مستقبل الوظائف الصادر عن منتدى الاقتصاد العالمي إلى ارتفاع نسبة الأعمال التي تقوم بها الحلول التكنولوجية والآلات الذكية والخوارزميات من 22% إلى 34% بحلول عام 2030. أما المهام التي تتطلب وجوداً مزدوجاً  بين التكنولوجيا واليد العاملة البشرية فمن 30% إلى 33% في عام 2030.

منافسة شرسة تحصل بين البشر والتقنية التي تجتاح العالم على مختلف المستويات الاجتماعية والاقتصادية والعملية. فمع التطور التكنولوجي، سيُعاد تشكيل سوق العمل حيث من المتوقع أن يحلّ الذكاء الاصطناعي مكان الانسان مع ظهور نحو 170 مليون وظيفة جديدة بحلول عام 2030، وفقاً للدراسات.

ستبرز الوظائف ذات الأدوار المتخصصة في الهندسة والبرمجة وتصميم الغرافيك مع زيادة الطلب على التطبيقات الذكية والتوجه نحو استخدام المواقع الالكترونية. فمن عام 2023 وصولاً إلى 2030، من المتوقع توليد ما يتراوح بين 70 إلى 80 مليون وظيفة بمجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا.

 

في ظلّ التحولات المتسارعة، أصبحت الوظائف التقنية ضرورة مع الحاجة إلى مواكبة عصر الانترنت والتطور.

 

وسط التحولات... يجب تطوير المهارات

التحدي الأكبر بالتحول الرقمي في الشركات يكمن بتأهيل الموظفين، تدريبهم وتطوير مهاراتهم في ظلّ الطلب المتزايد على الحلول الذكية. رغم المخاوف والتساؤلات يُشكّل الذكاء الاصطناعي جزءاً مهماً من إعادة توجيه الأعمال في وقت تخطط فيه معظم الشركات للاستفادة من الخدمات التي تتيحها الرقمنة. على ضوء ذلك، يكون التركيز على تطوير المهارات واليد العاملة البشرية ضرورياً مقابل أتمتة العمليات التشغيلية.

شرعت دول منطقة الشرق الأوسط في إنشاء استراتيجية متخصصة لتطوير المهارات الرقمية لديها بغاية التقدم رقمياً والريادة في المجال التكنولوجي والتقني على مستوى عالمي. إن رقمنة القطاعات وتأثيرها على مستقبل سوق العمل أدى إلى ظهور حلول رقمية متطورة ومبتكرة ما يتطلّب سدّ فجوة المهارات وهذا التحدي الأكبر أمام أصحاب الشركات الذين يحتاجون إلى موظفين يدركون التعامل مع الآلات الذكية والتقنيات الناشئة. ولسدّ فجوة المهارات يجب على الحكومات والمؤسسات والشركات توفير التدريبات المطلوبة وتحديد برنامج انمائي واضح لبناء المهارات الجديدة وفقاً لمعاييره.

بحسب الدراسات، من المتوقع أن تبرز أهمية المهارات الرقمية ونموها أكثر من غيرها من المهارات خلال السنوات الخمس المقبلة. أما المهارات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة فتأتي على رأس قائمة المهارات المطلوبة تليها المهارات المرتبطة بصيانة شبكات الاتصالات والأمن السيبراني.

رغم توسع النشاطات الرقمية في المنطقة وخصوصاً في دول مجلس التعاون الخليجي، لا تزال قدرة غالبية الشركات غير كافية للتعامل مع التحولات الراهنة.  في هذا السياق، تبرز ثلاث نقاط مهمة تزيد من صعوبة اعتماد الذكاء الاصطناعي في المنطقة:

تهديد الذكاء الاصطناعي للوظائف: يعتقد بعض الموظفون أن الذكاء الاصطناعي يشكل تهديداً لوظائفهم ووجودهم ما يؤثر سلباً على طريقة التعامل مع تطبيقاته وكل التقنيات الجديدة.

غياب الرؤية: يعوق غياب الرؤية الواضحة توظيف الذكاء الاصطناعي والتقنية بشكل فعّال في الوظائف ومختلف العمليات التشغيلية.

غياب الأطر التنظيمية: رغم انتشار الذكاء الاصطناعي لا تزال بعض الشركات تتجه نحو الأساليب التقليدية إذ تفتقر إلى الأطر التنظيمية الواضحة التي تخوّلها اعتماد هذه التقنية وغيرها من الحلول الذكية بطريقة آمنة من دون التعرّض لأي تهديد سيبراني محتمل وادارة التحولات السريعة بمرونة.

لا يعتمد نجاح الذكاء الاصطناعي على العنصر التقني فقط، بل يرتبط أيضاً بمدى إدراك المستخدمين والموظفين لأهمية هذه التقنية وتبنّي التكنولوجيا بكل أشكالها والاستثمار فيها لاعتماد التحول الرقمي الشامل.

 

ما هي الوظائف التي تنبأ بها الذكاء الاصطناعي؟

في ظلّ التحولات المتسارعة، أصبحت الوظائف التقنية ضرورة مع الحاجة إلى مواكبة عصر الانترنت والتطور. فإن التكهنات والخيال حول وظائف لم تكن في الحسبان باتت واقعاً تشكّل الواقع الجديد.

أهم الوظائف التي تنبأ بها الذكاء الاصطناعي والتي ستشكّل سوق العمل للسنوات المقبلة هي:

الصيانة التنبؤية بالذكاء الاصطناعي: تقوم هذه الوظيفة على رصد الثغرات التقنية قبل حدوثها ما يوفر على الشركات ملايين الدولارات من الخسائر سنوياً.

مهندس سلاسل الإمداد الذكية: ترتكز على الذكاء الاصطناعي لتحسين سرعة تسليم المنتجات ودقتها، فيمكن أن توفر هذه الوظيفة 40% من الوقت وتخفّض نسبة الانبعاثات السامة بنسبة 25%.

محلل العقود الذكية: تُعتمد هذه الوظيفة في القطاع القانوني وتدمج بين القانون والبرمجة لتحليل الوثائق والمعلومات القانونية الرقمية.

مهندس أخلاقيات الذكاء الاصطناعي: وفقاً لغارتنر، ستوظّف الشركات 30% من هذا الدور بحلول عام 2026 لاتخاذ القرارات المناسبة من دون تحيّز.

هذه الوظائف إلى جانب، مهندس الميتافيرس، مدقق أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، مبرمج للحوسبة السحابية، تعكس سوق العمل الجديد خلال السنوات القليلة المقبلة. فمع التحولات التي نشهدها، تتبدّل الأدوار والوظائف المطلوبة والتي تُعد جزءاً كبيراً من شروط نجاح العمل الافتراضي حول العالم.

تُجسّد الوظائف التقنية التفاعل الكبير بين الانسان والآلات لادارة المشاريع التقنية وغيرها وتحسين الخدمات للعملاء أيضاً. في ظلّ ذلك، يبرز دور المبادرات والتعاونات على مستوى كل دولة لمواكبة المرحلة الحالية والاستعداد للمرحلة المستقبلية بكل تحدياتها وخدماتها. ففي العالم العربي مثلاً تعزز تعاوناتها كل من المملكة العربية السعودية والامارات وقطر لتوظيف المتخصصين التقنيين واعتماد الذكاء الاصطناعي وضمان نجاح المهن على أنواعها وتشكيل حقبة جديدة من الوظائف واعادة تعريف المهارات المطلوبة بما يتوافق مع احتياجات السوق العالمي والمحلي.

ان التكنولوجيا ليست أدارة لتهميش الانسان بل هي وسيلة لتطوير ذاته مع فرص كبيرة لم تكن من قبل لولا توسع التقنية. فهل نحن مستعدون لهذا التحول؟

 

تُجسّد الوظائف التقنية التفاعل الكبير بين الانسان والآلات لادارة المشاريع التقنية.