في عالم الانترنت حيث تهيمن السرعة الرقمية على حياتنا، أصبحت الهواتف المحمولة أجهزة أساسية من استخدامتنا اليومية لانجاز كل الأعمال آنياً. أكثر من 85% من العرب يعتمدون الهواتف المحمولة لتصفّح الانترنت، الأمر الذي يجعل من الرقمنة والتحول نحو الحلول الذكية أمراً ضرورياً لما له من تأثير على تجربة المستخدم.
بات الاعتماد على الهواتف المحمولة للخدمات الشخصية أو الخدمات الحكومية بشكل شبه كامل ما يعني أن توافق المواقع الالكترونية مع الهاتف المحمول هو من الأساسيات التي تعزز وجود المستخدم على الانترنت وتغني تجربته. وتؤكد الدراسات انتشار مفهوم التسوّق الالكتروني عبر الهاتف المحمول ما يعكس أهمية الهاتف بحياة الانسان اليوم أكثر من أي وقت مضى وتغيّر سلوك المستخدم أيضاً. فإن جيل "زد" يعتمد أكثر من غيره على الهاتف المحمول للشراء إلكترونياً مقارنةً بالأجيال السابقة حيث يعتبر التسوّق الالكتروني اليوم الوسيلة الأبرز للتنقل بين المتاجر الرقمية من المنزل. وفقاً لدراسة أجرتها "غوغل"، حينما يتصفّح المستخدم محرّك بحث أو موقعاً الكترونياً غير متوفّر على الهاتف المحمول، يُغادره بعد 3 ثوانٍ في حال واجه صعوبة بقراءة المحتوى، أو في حالة تعطّل الصفحة وخروجها عن الخدمة، أو غياب فرق الدعم من الموقع الالكتروني لتعزيز تجربة العملاء.
جب أن تتوفّر للمستخدم تطبيقات سهلة توفّر خيارات عدّة بين المنتجات والخدمات للتسوّق أونلاين.
التسوّق الالكتروني... تجربة رقمية فائقة
تعاونات ومبادرات تُطلق لتعزيز الدفع الرقمي عبر التطبيقات الذكية التي تسهّل التسوّق الالكتروني بعيداً من طرق الدفع التقليدية. فبمجرّد الضغط على زرّ واحد، يمكن اتمام عملية الدفع بسرعة وأمان أو عبر اعتماد كلمات مرور أو المصادقة البيومترية على الهاتف المحمول. ومع تطوّر الابتكارات والحلول المتاحة، ارتفعت قيمة مبيعات التجارة الالكترونية عبر الهاتف المحمول إلى أكثر من 35 مليار دولار سنوياً ومن المتوقع أن تنمو لتصل إلى 50 مليار دولار بحلول عام 2026. بعد سلسلة من التعديلات والسياسات الاستراتيجية لمواكبة التحول الرقمي، نجحت شركات عدّة في الهيمنة على سوق التجارة الالكترونية عبر الهاتف المحمول من خلال التصميم الفريد للموقع الالكتروني وتقديم تجربة مميّزة لتصفّح المنتجات على الموقع والاستفادة من طرق الدفع المتقدّمة دون أي عائق.
في السياق، من المتوقع أن يتجاوز سوق التجارة الالكترونية عتبة الـ 80 مليار دولاراً خلال عامنا الجاري. ويعتبر هذا السوق من الأسرع نمواً في المنطقة العربية وذلك يأتي توازياً مع انتشار الانترنت، تطوير البنية التحتية الرقمية، الاتجاه نحو الدفع الرقمي السهل إن كان على مستوى الشركات أو بين الشركات والمستهلكين أنفسهم.
عوامل عدّة تساهم بتقدّم سوق التجارة الالكترونية عربياً وتشمل:
- ارتفاع عدد الهاتف المحمولة والأجهزة الذكية والتوجّه نحو استخدام الانترنت
- توفر مجموعة أكبر من المنتجات على المواقع الالكترونية
- خدمات التوصيل والحجز للارتقاء بتجربة العملاء
- تسهيل أساليب الدفع الرقمي
ينصح الخبراء التجّار بفهم السوق المحلي العربي ودراسة احتياجات العملاء ومتطلباتهم وتوجهاتهم الشرائية. ولضمان تجربة ممتازة، يجب أن تتوفّر للمستخدم تطبيقات سهلة ومريحة توفّر خيارات عدّة بين المنتجات والخدمات للتسوّق أونلاين.
تعتبر الاعلانات الرقمية عنصراً مهماً لنجاح تجربة التسوّق الرقمي والوصول إلى شريحة واسعة من المستخدمين من كافة الدول العربية وحول العالم. إضافة إلى ذلك، من المهم التركيز على محتوى مواقع التواصل الاجتماعي التي تعتبر جزءاً من استراتيجية التسوّق الرقمي حيث يجب أن يكون صلة بين حساب شركة التسوّق على مواقع التواصل الاجتماعي وموقعها الالكتروني. ومن المهم دراية القدرة الشرائية وتوفير المنتجات عبر الانترنت بأسعار مدروسة للمنافسة باستمرار وجذب المستخدمين الجدد.
ترتيب الدول العربية في التسوّق عبر الهاتف المحمول
شهد سوق التجارة الالكترونية تقدماً ملحوظاً في السنوات الأخيرة مع ارتفاع عدد الطلبات عبر الانترنت. وتُعد الدول الداعمة للتحول الرقمي الأكثر نجاحاً في هذا المجال حيث تعزز برامج التسوّق الالكتروني الاقتصاد الرقمي في البلاد.
الإمارات العربية المتحدة: تصدرت الامارات الأسواق العالمية في مجال التسوق الالكتروني ما يعكس أهمية وجود الأجهزة المحمولة في البلاد وتأثيرها على سلوك المستهلكين. كما تركّز الحكومة الاماراتية على تطوير استراتيجية التسوّق الرقمي وتوفير تجربة مميّزة للمستخدمين.
حققت المبيعات الالكترونية عبر الهاتف المحمول في السعودية نمواً كبيراً خلال الربع الأول من 2025.
وقد سجّلت الامارات أعلى معدل للتسوّق الالكتروني عبر الهاتف المحمول بنسبة 37% متقدمةً بذلك على سنغافورة (34%) والمملكة المتحدة (27%) والبرازيل (24%). يستخدم العملاء في الامارات تطبيقات عدّة للتسوّق عبر الانترنت اذ يُفعّلون بصمة اليد والاصبع والمصادقة البيومترية وتقنية التعرّف على الوجه مقارنةً بالدول التي لا تزال عالقة بالأساليب التقليدية للتسوق. تستفيد شركات التكنولوجيا من هذا التوجه لتفعيل خدماتها وتطوير وجودها التقني ودفع التجربة الرقمية ومواكبة متطلبات العملاء.
المملكة العربية السعودية: حققت المبيعات الالكترونية عبر الهاتف المحمول نمواً كبيراً خلال الربع الأول من 2025 بنسبة 56% أي بزيادة نحو 24 مليار ريال مقارنةً بالفترة نفسها من العام السابق حيث سجلت المبيعات الالكترونية 44 مليار ريال في المملكة العربية السعودية. يشمل نمو المبيعات الالكترونية عمليات الدفع والشراء التي تتم عبر الانترنت واعتماد البطاقات الرقمية من خلال المحافظ الرقمية والتطبيقات الذكية. على ضوء ذلك، توسع المصارف في السعودية تعاونها مع شركات التقنية والتكنولوجيا لدعم أنظمة الدفع الرقمي وضمان عمل شبكات المدفوعات الرقمية.
لغاية الآن، وصل عدد المتاجر الالكترونية في السعودية إلى 42 ألف متجر إلكتروني ومن المتوقع زيادة عدد مستخدمي التجارة الالكترونية مع الفترة المقبلة. ولتنظيم عمليات البيع والشراء عبر الانترنت، أٌنشئ نظام التجارة الالكترونية وهو يهدف إلى تنظيم هذا القطاع في المملكة، حماية المستخدمين وتعزيز ثقتهم بشركات التجارة الالكترونية ودعم الاستثمارات في هذا المجال.
من ناحية أخرى، يحفظ نظام التجارة الالكترونية حقوق المستخدمين ما يشمل الحقّ في الحصول على كل المعلومات من المواقع الالكترونية المستخدمة عن المنتجات والسلع المتوفرة والخدمات المتاحة. الحق في استرداد الأموال في حال لم يكن المنتج على قدر توقعات المستخدم. والأهم من ذلك، الحقّ في الحفاظ على أمن البيانات الشخصية وحمايتها على الانترنت.
من المتوقع أن يصل حجم سوق التجارة الإلكترونية في دول مجلس التعاون الخليجي إلى 33.3 مليار دولار في عام 2025.
قطر: يُعدّ سوق التجارة الالكترونية في قطر سابع أكبر سوق على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويوفر هذا المجال فرصاً جديدة للاستثمار والعمل والتوسع في المشاريع على الانترنت على المستوى المحلي والعالمي. شهد قطاع التسوق الرقمي تقدماً كبيراً خلال السنوات الخمس الأخيرة ما وضع قطر كدولة رائدة رقمية قادرة على المنافسة وتحقيق مكاسب كبيرة. من المستحيل مناقشة مستقبل التسوق الرقمي من دون تسليط الضوء على الذكاء الاصطناعي في هذا المجال. من روبوتات الدردشة الآلية إلى المحتوى المخصص، تُغيّر هذه التقنيات كل شروط اللعبة. تستفيد الشركات في قطر من الذكاء الاصطناعي لتقديم تجارب فائقة. تقوم أدوات الذكاء الاصطناعي بتحليل البيانات الضخمة للتنبؤ بسلوك العملاء، وأتمتة المهام المتكررة، وإنشاء حملات مستهدفة. يدخل مشهد التسويق الرقمي في قطر مرحلة مثيرة؛ من الذكاء الاصطناعي إلى سرد القصص الثقافية، تتمتع العلامات التجارية بفرص لا حصر لها لإجراء اتصالات ذات غاية تسويقية ناجحة. ومع ذلك، فإن النجاح يتوقف على القدرة على التكيّف والابتكار والمحافظة على الاستمرارية واعتماد التقنية بالطريقة المطلوبة.
الكويت: شهدت التجارة الإلكترونية في الكويت نمواً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت خياراً حيوياً لكل من التجار والمستهلكين. ويعود هذا النمو إلى التقدم التكنولوجي وزيادة استخدام الإنترنت وانتشار الهواتف الذكية واستخدامها على نطاق واسع بين السكان. وفقاً للإحصائيات الأخيرة، يعتمد حوالي 70% من سكان الكويت على الإنترنت للتسوق عبر الإنترنت، مما يجعل السوق الكويتي أحد أكثر الأسواق جاذبية في المنطقة. يمثل هذا الاتجاه فرصة ذهبية للتجار الذين يتطلعون إلى توسيع أعمالهم والاستفادة من مزايا التجارة الإلكترونية. بالإضافة إلى ذلك، لعبت جائحة كوفيد-19 دوراً مهماً في تسريع اعتماد التجارة الالكترونية كوسيلة تسوّق أساسيّة. بسبب القيود الصحيّة، تحوّل العملاء من التسوّق التقليدي إلى منصات التسوق عبر الإنترنت. حتى مع عودة الحياة إلى طبيعتها، لا يزال العديد من المستهلكين يفضلون التسوق عبر الإنترنت لما يوفره من راحة. تقدّم التجارة الالكترونية فرصة ذهبية للتجار في الكويت لتوسيع نطاق أعمالهم والوصول إلى جمهور أوسع بتكاليف أقل. ومن خلال اختيار المنصة المناسبة، وتعزيز تجربة المستخدم، والتسويق بذكاء، يمكن للتجار بناء متاجر إلكترونية ناجحة تلبي احتياجات العملاء وتزيد من نمو الإيرادات.
من المتوقع أن يصل حجم سوق التجارة الإلكترونية في دول مجلس التعاون الخليجي إلى 33.3 مليار دولار في عام 2025 و46.1 مليار دولار بحلول عام 2029، وهو ما يمثل معدل نمو سنوي مركب بنسبة 10%.
لقد شهدت السنوات الأخيرة توسعاً سريعاً في التجارة الإلكترونية، لتصبح محركاً رئيسياً للاقتصاد الرقمي. وقد كانت منطقة الخليج المستفيد الرئيسي من هذا النمو، مدعومة ببنية تحتية رقمية متطورة، وسكان "شباب"، واستراتيجيات التحول الرقمي الوطنية. كن جزءاً من هذا التحول... فهل تشكّل استراتيجية التسوّق الالكتروني نجاح المشاريع المقبلة؟